العلاقات العامة بين جدلية المفهوم واشكالية والممارسة
- ht50370
- 29 أكتوبر 2019
- 5 دقيقة قراءة
الكاتب الدكتور - محمد الحيزان
لا تزال مشكلة المفهوم والممارسة للعلاقات العامة صريحة وواضحة في القطاعات الحكومية على وجه الخصوص، وذلك لغياب أو تغييب التعريف الصحيح لها، ما أدى إلى عدم فهمها في المقام الأول ثم من خلال لجوء أغلب المنظمات إلى إدارة العلاقات العامة للجوانب الخدمية فقط ! فضلاً عن الجهات التي لم تبادر بإنشاء وتفعيل هذا القسم إلى أن ساهمت هذه القضية بتكوين الصورة السلبية من خلال نظرة الجمهور العامة لنشاط العلاقات العامة، حتى نتج عند الكثير منهم للأسف أنه يرى أن هذه الإدارة إدارة هامشية، أو يقوم بمهامها أشخاص غير متخصصين، وأنها مجرد إدارة تكميلية، أشبه ما تكون بانها قطاع خدمي بلا أدوار مهمة وأساسية، سوى تأدية بعض الخدمات وهذا ما أدى بها للنظرة السلبية وبموقع متواضع بعيداً عن العلاقات العامة ومفهومها الأساسي.
ومن المهم أن يدرك الجميع أن العلاقات العامة لا تقل أهمية عن التخصصات الأخرى كالطب والهندسة وغيرها، فالعلاقات العامة لها رجالها ونساؤها المتخصصين والمتخصصات والمدركين أن العلاقات العامة هي ذلك النشاط المخطط والذي يهدف إلى تحقيق الرضا والتفاهم المتبادل بين المنظمة وجماهيرها سواء داخلياً أو خارجياً استناداً على مبدأ المسؤولية الاجتماعية، وليست لأهداف أخرى.
مفهوم وأهداف العلاقات العامة:
في البداية تحدث أ. د. محمد بن عبد العزيز الحيزان -الأكاديمي والمشرف على العلاقات والإعلام بوزارة التعليم-قائلاً: إن من يفهم العلاقات العامة بشكل جيد يربطها مباشرة برأس الهرم كأول وأهم خطوة، بالإضافة إلى أن من يدرك أن العلاقات العامة نشاط اتصالي مهم لبناء وصناعة الصورة الذهنية فهو فعلا من يهتم ويضعها في المكان الذي تستحقها، مضيفاً أن تصحيح هذا المفهوم وارتباط مفهوم يتفق عليه الجميع يكون مرجعية لجميع الجهات حتى بمن يعمل بهيكلة الادارة لديه.
كما أن الهدف الأساسي من العلاقات العامة هو تعزيز دور برامج المسؤولية الاجتماعية والتي تندرج تحت نشاط العلاقات العامة، من خلال نشر ذلك الهدف الأساسي في الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية وغيرها من أجل فعلاً أن يكون لها دور في خدمة المجتمع بالشكل الذي يرقى إلى تطلعات جميع فئات الجهور.
وظائف العلاقات العامة:
وأشار د.عبدالعزيز بن سعيد العمري -المستشار بالعلاقات العامة- الى أن من أهم وظائف العلاقات العامة أن يشغل ويرأس العلاقات العامة شخص يتمتع بسلطة واسعة بعيداً عن التسلط ومزاحمة مهام ممارس العلاقات العامة من خلال القيام بأدواره وخصوصاً التشريفية، بالإضافة إلى القضاء على الازدواجية في العمل، فضلاً عن الحرص على تحسين العلاقة بين الإدارة و العاملين و تشجيع الاتصال بين المستويات الإدارية المختلفة بصورة أساسية، حتى يتمكن ممارس العلاقات العامة من قياس وتقييم وشرح اتجاهات الجمهور التي لها صلة بالمنظمة، بالإضافة إلى مساعدة الإدارة في تحديد الأهداف الرامية إلى زيادة التفاهم بين المؤسسة وجمهورها مع تحقيق التوازن المستمر وأيضاً تزويد المشروع بكافة التطورات التي تحدث في الرأي العام، حيث أن العلاقات العامة الناجحة والفعالة لايقف دورها في المساعدة ولكنه يمتد لمراقبة الادارات الاخرى حتى لا يحدث ما يتناقض مع أنشطتها، متمنياً في الوقت ذاته أن تتكاتف المؤسسات الحكومية والخاصة والجمعيات لنشر ثقافة العلاقات العامة و إبراز دورها الحقيقي.
أهمية العلاقات العامة والإعلام:
ويقول الأستاذ فهد بن عوض العتيبي -مدير علاقات عامة وعضو لجنة مراكز التسوق بالغرفة التجارية بالرياض-: أدركت معظم الشركات الكبرى في العالم منذ وقت مبكر أهمية إنشاء إدارات العلاقات العامة والاتصالات وتأهيلها لإدارة التواصل مع عملائها بشكلٍ مباشر، وتعدد الاحتياج لها لإدارة جزء كبير من التسويق المباشر، إدارة الأزمات، الإعلام والإعلان وإدارة علاقات الشركات مع الجهات الحكومية وصولاً لخدمة المجتمع والمسؤولية الاجتماعية.
وأضاف العتيبي أنه في المملكة بدأت معظم شركات القطاع الخاص بإدراك أهمية إدارة العلاقات العامة بعد الأزمة المالية لعام ٢٠٠٨م لتطوير العلاقات العامة وتحميلها مسؤوليات أكبر، والاعتماد عليها في الظهور الإعلامي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج خدمة المجتمع وغيرها.
وقبل عامين وتحديداً في مؤتمر العلاقات العامة وبحضور أعضاء الجمعية الدولية للعلاقات العامة بالخليج ، شددت خلال المؤتمر على أهمية توعية القطاع الخاص بأهمية العلاقات العامة والعمل على تطوير مخرجات هذه الإدارات بجميع فئات القطاع الخاص، لكونها ضرورة حتمية لا يمكن الاستغناء عنها في كل منظمة، فهي الواجهة الاعلامية لإظهار خدمات القطاع الخاص، كما أنها الوسيلة المفترضة للتعامل مع القطاعات الحكومية من جهة، والمستهلك أو العميل بصورة مباشرة.
ومن ايجابيات اندماج سياسة العلاقات العامة بالشركات المنتجة السلاسة والعمل نحو الهدف بشكل صحيح من خلال السياسة التسويقية لهذه الشركات بحيث تتفوّق وتُدير سياسة التسويق بصورة أفضل، من خلال استجابة المستهلك للرسائل الواضحة و المكتوبة أو الممارسة بوضوح للعلاقات العامة عن المنتجات، بحيث أصبح المستهلك يثق بالمقال المكتوب، أو التجربة الفعلية للمنتجات أكثر بكثير من ثقته بالإعلان التجاري العادي.
وأشار العتيبي إلى أن أهم دور للعلاقات العامة في القطاع الخاص هو وضع سياسة التسويق للعلامة التجارية بعيداً عن خطط المبيعات، بهدف إبراز اسم الشركة وشعارها للمجتمع و تنمية استثمارها في المورد البشري وكسب ثقة المستهلك، مع ضرورة إدراك الأزمات وضرورة وجود رجل العلاقات العامة و المتحدث الإعلامي اللبق والممارس، على أن يكون من صُناع القرار بالشركة وليس مجرد ممثل إعلامي، بمعنى أن يمتلك و يتمتع بالمعرفة الكاملة بالمنظمة ومشكلاتها والتفرغ الكامل لمعايشة أفراد المنظمة أيضاً، وإدراك الأسباب الغير معلنة للمشكلات وقربها من الإدارة العليا وسرعة اتخاذ القرار في الطوارئ ونقل القرارات إلى جميع أجزاء المنظمة.
وأضاف العتيبي أن العلاقات العامة ليست وسيلة دفاعية كما يظن البعض أو لجعل المؤسسة تبدو بأجمل صورة.. وإنما هي جهود مستمرة ومخطط لها لكسب تفاهم وتعاطف وتأييد الجماهير.
أهمية المؤهلات للممارسة:
وترى الأستاذة منى بنت علي الكلثمي-نائب رئيس لجنة الأسرة العامة بجمعية الأطفال المعوقين بالرياض- أن أهمية المؤهلات في ممارس العلاقات العامة من أهم الأمور لنجاح العلاقات العامة واستمرارها، فهي نشاط تعبوي بالدرجة الأولى وليست نشاطاً نمطياً ، لذلك لا بد توفر المؤهلات بأنواعها: الشخصية وأهمها الصدق والأمانة و السمعة الطيبة والسلوك القويم و غيرها من المعايير والقيم والأنماط الأخلاقية اللازمة لممارسة مهنة العلاقات العامة، يليها المؤهلات الاتصالية والوظيفية لضمان تحقيق نجاح المنظمة، بالإضافة إلى ضرورة توزيع المهام على الأقسام الرئيسية في العلاقات العامة لتسهيل القيام بالمهام، والتي من أهمها: قسم الخدمات الإعلامية وقسم المطبوعات والاتصالات التنظيمية بأنواعها كالمعارض والندوات والكتيبات والمهرجانات، وقسم النشاط الداخلي و قسم الاستقبالات (المراسم والتشريفات) وقسم الاتصال بالمجتمع المحلي وهو من أهم الأقسام الذي يربط المنظمة بالجمهور والذي يتطلب ممارس نشيط للعلاقات العامة بحيث يواكب الأحداث من خلال الموقع الإلكتروني للمنظمة ويقوم بالتحديث المستمر للموقع، بالإضافة إلى متابعة الاتصالات التنظيمية كاللوحات الإعلانية والدعائية وخصوصاً ذات المدة المحددة زمنيا.
وأضافت الكلثمي أن دور "العلاقات العامة" لا يقتصر على التعريف بنشاطاتها فحسب، بل يمتد لاستقبال المعلومات من المجتمع ليعمل من خلالها على تطويرها ولتلبية رغبات وحاجات المجتمع الداخلي من نواحٍ مختلفة، مشيرة إلى أنه على الرغم من تطور مفهوم "العلاقات العامة" وأهميتها، إلا أنها لم تكن بالصورة نفسها في مجتمعنا وخصوصاً في أوساط المجتمع النسائي! مع وجود عوامل كثيرة تحد من عملها، ومنها قصور مفهوم وظائف "العلاقات العامة " لدى العديد من مسئولي المؤسسات الذين اقتصروا تلك الوظيفة على المراسم و التشريفات من خلال الاستقبال و التوديع أو مجرد تنفيذ الاتصالات التنظيمية ممثلة بالبروشورات والكتيبات والمهرجانات، وعدم الشعور بأهمية دورها الأساسي من خلال التواصل مع الجمهور الداخلي والخارجي للمؤسسة.
وتساءلت الكلثمي في ذات الوقت عن قلة أعداد المخرجات بتخصص العلاقات العامة من النساء، ما أدى إلى قلة الممارسات النسائية لهذه المهنة، ولعل من أبرز هذه الأسباب ما يعانيه هذا التخصص من سوء التقدير العام والخاص في مختلف المنظمات والمؤسسات، فلا نجد في الوقت الحالي مهنة تعرضت لإساءة المفهوم مثل مهنة العلاقات العامة، لذا من المهم الاعتراف بمهنة العلاقات العامة كمهنة أساسية بحاجة إلى الممارسين المتخصصين سواء رجال أو نساء، بعيداً عن كل ما يعيق هذا النشاط الهام
توصيف وتنظيم العلاقات العامة:
ويقول الأستاذ سالم بن بدر المقاطي -أحد خريجي كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز-: إن توصيف العلاقات العامة بصورة عامة من خلال طبيعة وحجم عمل المنظمة وأهمية حجم الجماهير وحجم المواد المالية المتاحة والمخصصة لإدارة العلاقات العامة و المناخ العام الذي تعمل فيه المنظمة ومدى إدراك الادارة العليا لمفهوم العلاقات العامة ومدى اقتناعهم بها، يعد من الأمور الهامة التي لا تقل عن أهمية العلاقات العامة الأساسية، إلى أن يأتي دور تنظيم عمل العلاقات العامة من خلال ضرورة إنشاء إدارة أو قسم متخصص للعلاقات العامة مع الاستعانة بمستشار خارجي في حال حاجة المنظمة، وذلك لتحقيق عملية تشكيل الصورة الذهنية والحرص على مستواها الايجابي من خلال المتابعة والقياس المستمر عن طريق البحوث والاحصاءات مع مراعاة العوامل الشخصية والاجتماعية والتنظيمية المؤثرة على تشكيل الصورة الذهنية.

Comments